
في زمنٍ تُهيمن فيه العناوين الصاخبة والترندات اللحظية، حيث يُختصر النجاح بعدد “الإعجابات”، جاءت النسخة الثامنة من مهرجان الزمن الجميل لتعيد ترتيب المشهد وتذكّرنا بأن هناك فنًّا لا يصدأ، ونجوماً لا يغيبون.
مساء الأحد في 29 حزيران 2025، تحوّل كازينو لبنان إلى مساحة ضوء وامتنان، بحضور فنانين من لبنان، مصر، وسوريا، وجمهور امتلأت مقاعده بالشغف والحنين، ضمن احتفال صُمّم ليكون لحظة صادقة وسط بحر من الاصطناع.
د. هراتش… حين يصنع الجمال من الداخل
بعيداً عن أضواء الاستعراض السطحي، وقف في خلفية المشهد رجل هادئ، يوزّع الجَمال كما يوزّع الامتنان: الدكتور هراتش سغبازريان.
طبيب تجميل أراد أن يُجمّل الذاكرة لا الوجوه فقط.
منذ انطلاقة المهرجان قبل سنوات، قرر أن يجعل من هذا الحدث مساحة لردّ الجميل إلى من زرعوا البهجة في وجدان الناس، لا فقط على الشاشات.
د. هراتش لا يلهث خلف الشهرة، بل يؤمن بأن من يحب الفن لا بد أن يصونه. مشروعه في “الزمن الجميل” لا يقوم على التكريم فحسب، بل على إعادة بناء علاقة الناس مع الجمال الحقيقي.https://www.instagram.com/reel/DLfo4E6sdxv/embed/?cr=1&v=14&wp=540&rd=https%3A%2F%2Fjnewslebanon.com&rp=%2F%3Fp%3D37693#%7B%22ci%22%3A0%2C%22os%22%3A4288.899999999907%2C%22ls%22%3A3186.399999999907%2C%22le%22%3A4022.899999999907%7D
كارمن لبّس: حين يتسلّح التقديم بالذكاء والرقي
مساء “الزمن الجميل” لم يكن فقط عن المُكرَّمين، بل عن الحضور المحترف أيضًا.
النجمة اللبنانية كارمن لبّس تولّت تقديم السهرة بإطلالة أنيقة وأداء رصين، أضافت إلى الأمسية طبقة جديدة من السحر. وقد برزت احترافيتها حين وقع خلل تقني طفيف، إذ حوّلته برقيها إلى لحظة ارتجال حيّ، دون أن تفقد إيقاع السهرة.
كارمن كانت، كما وصفها البعض، “سيدة المايك” التي لا تتصنّع ولا تستعرض، بل تتناغم مع وهج الفكرة.
وفاء خارج المألوف: حين يكرّم الغائبون
على عكس كثير من الاحتفاليات التي تسعى لتكريم النجوم في ذروة شهرتهم أو لمجرد استعراض الأسماء، أصرّ د. هراتش سغبازريان، صاحب فكرة المهرجان ومنظّمه، أن يكون التكريم فعل وفاء، لا بروتوكولاً.
واحدة من أكثر لحظات الأمسية تأثيراً، كانت عبر تكريم الراحلة رجاء الجداوي، التي توفيت خلال جائحة كورونا قبل أن تنال تكريمها المُقرر عام 2020. وقد قدّم لها المنظمون درعاً تكريمياً في منزلها في مصر، وعُرض فيديو حمل عبارة “سيدة الرقي”، كأنما الحفل يُتمّ ما لم يُنجزه الزمن.
لحظة أخرى حملت مزيجاً من الدموع والصوت، كانت حين صعدت ألين لحود إلى المسرح وغنّت بصوتها العذب أغنية لوالدتها الراحلة سلوى القطريب، مُجسّدة غياب الجسد وحضور الروح في مشهد نادر من الدفء والولاء الفني.
نادية الجندي… ملكة الحضور والذاكرة السينمائية
من أبرز اللحظات التي خطفت الأنظار كان تكريم النجمة الكبيرة نادية الجندي، التي حضرت بثقة وجمال وإرث سينمائي طويل.
التكريم شمل أيضًا فيلمها الشهير “الباطنية”، أحد أكثر الأفلام تأثيرًا في ذاكرة السينما المصرية، بحضور منتجه محمد مختار. مشهدٌ جمع بطلة ومنتجًا بعد عقود من العمل، فحمل في طياته الكثير من العواطف غير المعلنة.https://www.instagram.com/reel/DLfnI46tMcs/embed/?cr=1&v=14&wp=540&rd=https%3A%2F%2Fjnewslebanon.com&rp=%2F%3Fp%3D37693#%7B%22ci%22%3A1%2C%22os%22%3A4291.799999999814%2C%22ls%22%3A3186.399999999907%2C%22le%22%3A4022.899999999907%7D
فاروق سلامة، غسان صليبا، وشيرين… حين تغنّي الآلات والأصوات معاً
الموسيقى كانت أحد أبطال الأمسية.
فاروق سلامة، العازف والملحن الكبير، أطلّ على المسرح بعزفه الخالد لرائعة “ليلة حب” للسيدة أم كلثوم. لحظة خاشعة أعادت الحضور إلى الزمن الطربي الأصيل، دون حاجة لصوت، فقط نَفَس موسيقي يُجيد مخاطبة المشاعر.
من جهتها، نالت الفنانة شيرين تكريماً عن مسيرة تمتد لعقود من التمثيل والإحساس الفني، في وقت غنّى كل من غسان صليبا ورجا بدر في لوحات فنية أعادت نغمة الزمن الحقيقي إلى القلوب، لا فقط إلى الأذنين.
لبنان، سوريا، مصر… دراما تُكرَّم لا تُنسى
لم يكن المهرجان حكراً على الأسماء النخبوية أو النجوم من الجيل الذهبي فقط، بل حمل طابعًا شاملاً غطّى جغرافيا الإبداع العربي.
تم تكريم شخصيات بارزة من لبنان مثل:
غابرييل يمين، جيزيل نصر، سمير شمص، سميرة أيوب، جهاد الأطرش، السي فرنيني، نقولا دانيال، مها سلمى، رجا بدر، ليلى اسطفان، رندة حشمي، هدى روحانا، يولاند خوري، ليليان أندراوس، ناجي الصغير.
ومن سوريا، كان حضور أيمن زيدان ووفاء موصلي من أبرز لحظات التكريم.
غسان صليبا، الذي حلّ ضيف شرف، أعطى المهرجان بُعدًا فنيًا مضافًا، مع كاريزما الأداء الحيّ.https://www.instagram.com/reel/DLf1OkoM2Ya/embed/?cr=1&v=14&wp=540&rd=https%3A%2F%2Fjnewslebanon.com&rp=%2F%3Fp%3D37693#%7B%22ci%22%3A2%2C%22os%22%3A4293.899999999907%2C%22ls%22%3A3186.399999999907%2C%22le%22%3A4022.899999999907%7D
الإعلام في صلب المشهد: تكريم الكلمة إلى جانب الصورة
في لفتة تنمّ عن وعي فكري وثقافي، كرّم المهرجان الإعلاميين الذين حافظوا على صورة الفن الجميل في الإعلام المكتوب والمرئي، ومنهم:
زاهي وهبي، الإعلامي الذي كتب القصيدة كما أدار الحوار،
مهى سلمى، الإعلامية الهادئة الواثقة،
وليليان أندراوس، التي لم تغب عن نبض المشهد الثقافي يوماً.
هذا التكريم لم يكن تفصيلاً، بل يعكس إيمان د. هراتش بأن الإعلام ليس ناقلاً فقط، بل شريك في صناعة الذائقة.
الزمن الجميل”… أكثر من مهرجان
هذا المهرجان، في نسخته الثامنة، أثبت أنه أكثر من احتفال فني. هو وقفة ضمير في وجه تسليع الفن، واستعادة لذاكرة كادت تُمحى.
في زمن يُقاس فيه النجاح بالـViews، جاء “الزمن الجميل” ليقول إن الفن الأصيل لا يُشترى ولا يُستبدل… بل يُحتفى به، ويُكرَّم، ويُبنى عليه مستقبلٌ أكثر رقيًّا.
وهكذا، لم يكن الحفل مجرد مناسبة، بل وعدًا صادقًا بأننا ما زلنا نملك القدرة على الوفاء، وعلى صون الجمال حين يُهددّه النسيان. https://www.instagram.com/reel/DLfyZ2jIxtN/embed/?cr=1&v=14&wp=540&rd=https%3A%2F%2Fjnewslebanon.com&rp=%2F%3Fp%3D37693#%7B%22ci%22%3A3%2C%22os%22%3A6504.100000000093%2C%22ls%22%3A3186.399999999907%2C%22le%22%3A4022.899999999907%7D